الإمام الحسين «عليه السلام» والفكر السياسي

حسن محمد الأنصاري

جريدة الدار
لم يترك للإمام الحسين عليه السلام غير خيار الرفض أمام تحدي الانحراف في السلطة المركزية وانغماسها بأفكار دخيلة شاذة وخطورة تهديدها للكيان الإسلامي. الحسين «عليه السلام» امتداد للمنهج الإسلامي ويمتلك القدرة والصلاحية لصناعة القرار السياسي لإضافة منهج لمفهوم المعارضة والثبات على الموقف مهما بلغ الأمر، حيث يقول لأم سلمة : «يا أماه وأنا أعلم أني مقتول مذبوح ظلما وعدوانا»!. منهج الإصلاح يبدأ بالمعارضة ومنه يتم تحديد المسار الحقيقي والهدف الاستراتيجي والمعادلة التي وضعها الحسين «عليه السلام» «والله لا أعطيكم إعطاء الذليل ولا إقرار العبيد» تبين أن كل حكم يقوم على اغتصاب إرادة الأمة والاستبداد باطل وضرب من الوثنية السياسية ينكره الإسلام وتفند الشكوك والحيرة والضلال ومن خلالها تكتشف الطريق المستقيم إلى الله . وحين ارتكب المسلمون الخطيئة الجسيمة بترك هذه المعادلة طعنت الرسالة في صميمها وسقط التاريخ في الهاوية السحيقة فطغت كلمة «الإمبراطورية» على الجغرافية الإسلامية وأنتشرت العقلية اليونانية والرومانية في ثقافة المسلمين والنظام الإسلامي حتى فقدنا وحدة الدين والفكر وتمزقت الأمة سياسيا وإجتماعيا.
وتحقيق الغاية الاستراتيجية يعني الثبات بالموقف، وهذه المعادلة مكملة للأولى حيث وقف الحسين«عليه السلام» وأصحابه أمام قوة قتالية هائلة لجيش «ابن زياد» والذي قدر بأكثر من ثلاثين ألف مقاتل وعلى الرغم من الفارق الكبير بين أعداد المقاتلين في الجبهتين إلا أن معظم أصحاب الحسين «عليه السلام» استشهدوا من رمي السهام والنبال والرماح (قتال من بعد) وحتى قائدهم «عمر بن سعد» اندثرت أحلام أطماعه بملك «الري» مع آخرغبرة من معركة يوم «الطف» وحين قتل الإمام الحسين «عليه السلام» مظلوما انتصر. فأصبح رمزا خالدا للأحرار ومنارا للجهاد وصانعا لأروع وأفخم ثورة في تاريخ الإنسان فاتبعت المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان هذا المنهج الإلهي وبقيادة قائدها السيد «حسن نصرالله» فكان النصر حليفه واليوم يتكرر نفس المشهد حيث تجدد المقاومة الإسلامية الباسلة في «غزة» التمسك بنهج الصمود والإصرار بتطبيق معادلة المعارضة الحسينية بثبات وعزم أمام آلة حرب الكيان الصهيوني ولا ريب أن الله سبحانه وتعالى سوف ينصرهم ولو بعد حين وكما قال عظيم الهند «غاندي» :«تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما وأنتصر» ومن يتبع نهج الظلم لن ولن ينتصر وإن طال أمده.